غيب الموت، أمس الثلاثاء، في بيروت، الموسيقار والشاعر والمسرحي المعروف منصور الرحباني، عن عمر يناهز الرابعة والثمانين أمضاها في الفن، وكان الراحل نقل قبل ثلاثة أيام إلى مستشفى أوتيل ديوفي بيروت إثر انفلونزا حادة أدت إلى التأثير على رئتيه، وكتب الكاتب اللبناني رضوان السيد يقول، إن منصور الرحباني ولد في بلدة أنطلياس شرق بيروت عام 1925 وعاش فيها كل حياته، وهو الشقيق الأوسط بين عاصي والياس الرحباني.
|
|
ويعد منصور الرحباني واحداً من رواد الموسيقى في لبنان والعالم العربي، إذ أسس مع شقيقه عاصي الرحباني الذي توفي عام 1986، موسيقى جديدة شكل تمنعطفاً في تاريخ الموسيقى في لبنان والدول العربية، وذلك بتأثرها بالموسيقى الغربية. كما قدما عدداً من الأعمال المسرحية التي عُرفت بالمسرح الغنائي المتأثر بالسوري أبي خليل القباني، بدأ الأخوان الرحباني حياتهما شرطيين، إذ عمل عاصي في الدرك (قوى الأمن الداخلي) بينما عمل منصور في شرطة أنطلياس.
وكان الأخوان يترددان على كنيسة مار الياس في أنطلياس حيث تعلما الموسيقى على يد الأب يوسف الأشقر، متأثرين في البداية بالموسيقى السريانية والموسيقى البيزنطية. بعد ذلك راحا يؤلفان سكيتشات موسيقية لإذاعة الشرق الأدنى (الإذاعة اللبنانية لاحقاً) حيث تعرفعاصي على فيروز التي كانت موظفة في الإذاعة وذلك من خلال الموسيقار حليم الرومي(والد ماجدة الرومي). ومنذ ذلك الحين انطلقت شهرة الأخوين بعدما انضمت إليهما فيروزبصوتها الأسطوري.
ترك الأخوان الرحباني عدداً من الأعمال المسرحية الغنائية التي ميزتهما كرائدين في هذا الفن عربياً. وكانت أولى مسرحياتهما "موسم العز" التي عرضت في مهرجانات بعلبك عام 1958. ثم تتالت الأعمال: "دواليب الهوى"، "فخر الدين"، "جبال الصوان"، "جسر القمر"، "ميس الريم"، "لولو"، "هالة والملك"، "بترا" وغيرها. كما كتبا للسينما ثلاثة أفلام هي "بنت الحارس" و"سفر برلك" اللذان أخرجهما هنري بركات، و"بياع الخواتم" الذي أخرجه يوسف شاهين.
عمل مع الأخوين الرحباني عشرات المطربين بينهم من اشتهر على أيديهما: فيروز، وديع الصافي، نصري شمس الدين، صباح، جوزيف ناصيف، رجا بدر، ملحم بركات، إيلي شويري، غسان صليبا، رونزا، سهام شمّاس، هدى حداد، جوزيف عازار، جوزيف صقر، إضافة إلى مسرحيين أمثال أندريه جدعون، مادونا غازي، أنطوان كرباج، رفيق علي أحمد، وليم حسواني وغيرهم.
وكان منصور الرحباني أكمل مسيرة شقيقه حين ظهر اسمه للمرة الأولى من دون كلمة "الأخوين" في مسرحية "صيف 840" التي لعب دور البطولة فيها غسان صليبا وهدى حداد شقيقة السيدة فيروز. ثم تواصلت أعماله المسرحية ومن بينها "الوصية"، "ملوك الطوائف"، "آخر أيام سقراط"، "المتنبي" "حكم الرعيان" إلى "عودة الفينيق" التي كانت لا تزال تعرض على مسرح كازينو لبنان لحظة وفاة الراحل. كما نشر خمسة كتب شعرية أبرزها "أسافر وحدي ملكاً".
وعمل منصور منفرداً ومن قبل مع شقيقه عاصي على تقديم مسرح يختلط فيه الوطني بالسياسي بالعاطفي، على خلفية غنائية استعراضية. وربطتهما علاقات صداقة بعدد من رؤساء الجمهورية في لبنان والرؤساء العرب والشخصيات السياسية، من غير أن يمنع هذا تحولهم اإلى أيقونة في نظر اللبنانيين جميعاً وبعض العرب، وذلك لما قدماه في عالم الغناءخصوصاً والفن عموماً، برحيل منصور، تطوى صفحة "الأخوين" اللذين كتبا ولحنا منغير أن يعرف من الكاتب ومن الملحن.
للتواصل معنا 