بالرغم من أنّها جزيرة صغيرة لا تتخطّى مساحتها 0.14 كيلومتراً مربعاً، إلّا أنّها تمثّل كنزاً تاريخيّاً لا مثيل له. تقع جزيرة بافلجيناك عند ساحل كرواتيا، وسط مجموعة مكوّنة من آلاف الجزر. ما يميّز هذه الجزيرة الصغيرة عن سواها، هو عدد جدرانها الكبير الذي يمنحها مظهرًا فريدًا وغريباً.
فتبدو جزيرة بافلجيناك من السماء وكأنّها متاهة أو لغز أو بصمة، بسبب مئات الجدران التي تمنحها طابعاً مميّزاً. يعدّ الساحل الكرواتي أكبر أرخبيل في البحر الأدرياتيكي، بحيث يضم 79 جزيرة و 525 جزيرة صغيرة و 642 شعاباً؛ ومن بين هذه الجزر البالغ عددها 1246، هناك 48 جزيرة فقط مأهولة بالسكان. إحدى هذه الجزر غير المأهولة هي جزيرة بافلجيناك أو Bavljenac الواقعة في الجزء الأوسط من ساحل كرواتيا على بعد 10 كم من الساحل.
تمثّل هذه الجزيرة الصغيرة أهمية تاريخية بسبب ما خلّفته الشعوب القديمة هناك. فالجزيرة مغطاة بالكامل بجدران مبنيّة من الحجارة المكدّسة فوق بعضها بعضاً. يبلغ طول هذه الأسوار القديمة 23 كم تقريباً. ولقد بنيت هذه الجدران الحجرية الجافة يدوياً باستخدام الحجارة البسيطة المركّبة فوق بعضها بعضاً.
أمّا الهدف من بناء هذه الجدران هو تحديد الأراضي الزراعية وحماية أشجار الزيتون والكروم من الرياح. تشير المعلومات إلى أنّ مزارعي جزيرة كابريجي المجاورة قاموا باستعمار الجزيرة في القرن التاسع عشر واستثمروها في الزراعة. ولقد عُثر على بعض شبكات الجدران المشابهة في الجزر المجاورة، ولكن ليست بحجم هذه الجدران. وكان من المخطّط بناء 106 كيلومترات من الجدران على مساحة 12 كيلومتراً مربعاً في جميع الأرخبيلات المجاورة.
تشبه جزيرة بافلجيناك تقريباً بصمة يد المزارعين المتعبة، وهي تصوّر ما كانت عليه مدينة دالماتيا الرومانية خلال العصر الذهبي لإنتاج النبيذ الدلماسي، بحيث كانت بافلجيناك المكان المثالي لذلك، فيمكنكم تخيّل بسهولة كيف كانت تبدو هذه الجزيرة سابقاً عندما كانت مزروعة بالكامل بكروم العنب وأشجار الزيتون.
للتواصل معنا 